ام ماهر
عدد الرسائل : 6 بلدك : القصيـــم تاريخ التسجيل : 01/04/2012
| موضوع: الأدب مع العلماء "" الأحد أبريل 01, 2012 6:37 pm | |
| =
السلام عليكم ورحمه الله وبركااتهـ
توقيرَ العُلماء وتبجيلَهُم، والقيام بحقوقهم، لهُو مِن أهم سِمات أهل السُّنة، ذلك أنَّنا مُطالَبون بأن نرفَع من رفَعه القرآن، ونضعَ من وضَعه،
وقد قال اللهُ عزَّ وجلَّ: (يرفَعِ الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العِلمَ درجات)، فوجبَ علينا احترامُهم وعدم التَّقدُّم بين أيديهم. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (وبتوقير العلماء تُوَقَّر الشريعة ؛ لأنهم حاملوها ، وبإهانة العلماء تهان الشريعة ؛ لأن العلماء إذا ذلوا وسقطوا أمام أعين الناس ؛ ذلت الشريعة التي يحملونها ، ولم يبق لها قيمة عند الناس ، وصار كل إنسان يحتقرهم ويزدريهم فتضيع الشريعة). [شرح رياض الصالحين].
وإنَّ الأمرَ ليزدادُ خُطورةً حينما يكون ذاك المُتَعقِّب ممن لم يُعرف بطلب العلم على طريقةِ أهل الحق، ، خاصَّةً إذا كان ناشِئًا لم يشتَدَّ عودُه في الطَّلب، فتراه معَ ذلك يتكَلَّمُ في المسائل الكبار والقضايا العامة التي لا يخوضُ بحرَها إلا العُلماء الراسخون.
إن التأدب مع العلماء هو تأدب مع الله تعالى، وتعظيم العلماء تعظيم لشعائر الله .
قال تعالى : " وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ " [الحج/32]،
الشعائر : جمع شعيرة، وهى : كل شيء فيه لله تعالى شعارٌ،
فشعائر الله أعلام دينه، وهي كل ما أشعر اللهَ بتعظيمه من أعلام الدين، وتوقير العلماء وحملة الشرع وحماته من توقير الله تعالى، فتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب، فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه؛ لأن تعظيمها تابع لتعظيم الله وإجلاله . وروى الإمام أحمد في " المسند " وغيره ـ بإسناد حسن ـ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَيْسَ منا مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ " .
وهذا من أحاديث الوعيد الدالة على خطورة هذا الأمر، وأنه أمر ليس بالهين، والمعنى : أنه ليس على منهجنا وعلى طريقتنا وليس هذا من الإتباع لما نحن عليه بل هذا مخالف؛ لأن الذي عليه النبي صلى الله عليه وسلم هو أنه يجل الكبير، ويرحم الصغير، ويعرف للعالم حقه وفضله . فالإجلال للكبير هو حقٌ سنَّه الله تعالى؛ لأنه تقلب في العبودية لله تعالى في مدة طويلة، والرحمة للصغير هو موافقةٌ لله تعالى بأنه رحمه ورفع عنه العبودية فلم يؤاخذه بحفظِ حدٍ ولا حكم، ومعرفة حق العالم هو حق العلم أن يعرف قدره بما رفع الله من قدره وآتاه العلم
قال تعالى " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ " [المجادلة/11]
فيعرف درجاته التي رفعه الله له بما آتاه من العلم .
وروى البخاري في " صحيحه " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ قَالَ : " مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ " " .
قَوْله " مِنْ عَادَى لِي وَلِيًّا " الْمُرَاد بِـ " وَلِيِّ اللَّهِ " : الْعَالِمُ بِاَللَّهِ الْمُوَاظِبُ عَلَى طَاعَته الْمُخْلِصُ فِي عِبَادَته " فَقَدْ آذَنْته " أَيْ : أَعْلَمْته، وَالْإِيذَانُ : الْإِعْلَامُ " بِالْحَرْبِ "، فَكَأَنَّ الْمَعْنَى : فَقَدْ تَعَرَّضَ لِإِهْلَاكِي إِيَّاهُ، فَأَطْلَقَ الْحَرْبَ وَأَرَادَ لَازِمَهُ، أَيْ : أَعْمَلُ بِهِ مَا يَعْمَلُهُ الْعَدُوُّ الْمُحَارَبُ .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ قَالَ : " مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ " " . قال الإمامان أبو حنيفة والشافعي رضي الله عنهما : " إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي "، فالعلماء واسطة بين الله تعالى وعباده، فمن أبغضهم فقد قطع الواسطة بينه وبين الله تعالى .
وكان عكرمة رحمه الله يقول : " إياكم أن تؤذوا أحداً من العلماء؛ فإن من آذى عالماً فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
وقد بلغ أمرُ تعظيمِ العلماءِ ووجوبِ صيانةِ عرضهم إلى حدِ النصِ عليه في متون الاعتقاد التي لا تضم إلا أمهات قضايا العقيدة المتفق عيها عند أهل السنة بحيث لا يُخالف فيها إلا شاذ خارج عن الجماعة .
قال الإمام الطحاوي رحمه الله في " عقيدته " المشهورة : " وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل " . " متن العقيدة الطحاوية " (ص 58)
لا تعرِضَنَّ بذكرهم مع ذكرنا ليس الصحيحُ إذا مشى كالمقعدِ
نرى أناساً انسلخوا من أخلاق السلف كما تنسلخ الحية من جلدها لا يُراعون لشيخٍ حرمةً ولا لعالمٍ فضلاً ولا لطالبِ علمٍ ذمةً؛ دينهم الجرح والتجريح، دينهم القدح والتشهير،
قال تعالى :
" أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى " [العلق/14]، " سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ " [الزخرف/19]، " وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا " [الأحزاب/58]، "
أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ " [المطففين/ 4ـ6] .
ليس هذا عرف المؤمنين ولا سمتهم الذي ورثوه؛ إنما ورثوا الحياء، وعفاف اللسان، واحترام الكبير، وتبجيل القاائد، والتأول الحسن، وترجيح العذر، وجمال اللفظ، والاستغفار للذين سبقونا بالإيمان، هذا ديننا
فائدتان
الفائده الاولى : العلم رحم بين أهله , فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما أنالكم مثل الوالد لولده ): وفي لفظ بمنزلة الوالد أعلمكم
الفائدة الثانية الأدب مع المخلوقات قال تعالى : { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ(18) . و الشاهد في قولها وهم لا يشعرون فإنه يدل على ظهور رحمة سليمان و جنوده وعلى شهرة حاله و حالهم في باب التقوى و يدل على أدبها الرفيع مع نبي الله سليمان وصحبه حيث نزهتهم عن أن يفعلوا ذلك عمدا و إعتذرت عنهم بأنهم إن صدر منهم أذا لكم فإنما هو من غير قصد منهم لأنهم لا يشعرون بذلك ولا يتعمدونه
ااخيراااا ... الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يُحيون بكتاب الله الموتى، ويُبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليسٍ قد أحيوه، وكم من تائه ضال قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم . "
| |
|